هناك إعتقاد من قبل المراقبين السياسيين المتابعين للشأن الايراني من أن الاحداث والتطورات التي تشهدها إيران خلال الفترة الحالية، تکاد أن تکون غير مسبوقة من کل النواحي، حيث أن الخيارات ومساحات التحرك والمناورة للنظام الايراني باتت تضييق وتتقلص شيئا فشيئا ولم يعد بوسعه المبادرة الى إتخاذ إجراءات تقطع الطريق أمام الاحتجاجات الشعيية کما کان عهده دائما خلال الاعوام الماضية، خصوصا وإنها تتزامن مع نشاطات نوعية مستمرة لوحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الایرانیة.
خلال الايام القليلة المنصرمة، کانت مدن إيران المختلفة مسرحا مفتوحا لتظاهرات و إضرابات وحرکات إحتجاج واسعة النطاق، وتزامن ذلك مع هجمات شنتها وحدات المقاومة وشباب الانتفاضة على مقرات الحرس الثوري والباسيج، والذي لفت النظر کثيرا إنه ومن جراء التأثير الکبير لهذه الاحداث والتطورات على النظام ولاسيما وإنها تمهد لإنتفاضة شعبية کبيرة، فإن النظام قد بادر وفي تزامن ملفت للنظر الى تنفيذ أحکام إعدامات غير مسبوقة حيث قام بإعدام 70 سجينا خلال 15 يوما منذ بداية أغسطس 2024، ومن دون شك إن هذا التزامن الملفت للنظر يشير الى إن النظام يحاول جاهدا الوقوف بوجه التصاعد النوعي للرفض الشعبي له والعزم على إسقاطه.
هذه الاوضاع الاستثنائية وحالة الغليان التي باتت تعم سائر أرجاء إيران، تأتي بسبب العديد من العوامل والاسباب التي هيأت أفضل الاجواء والمناخات لذلك، بل وان ماقد جرى وتداعى لحد الان عن الدور المشبوه لهذا النظام من حيث إثارته للحروب والفتن وجره إيران والمنطقة الى جحيم حروب ومواجهات عبثية، جعلت الشعب والمقاومة الايرانية تضاعف من نضالها ضد هذا النظام وتکيل له الضربات المتواصلة دونما کلل أو ملل وإن الشعب والمقاومة الايرانية يريدون من خلال ذلك جعل العالم کله يعلم بأنهم بريئون من کل المخططات المشبوهة لهذا النظام وبشکل خاص إثارته للحروب والفتن والازمات.
إتساع دائرة الاحتجاجات والتظاهرات والاضرابات في مختلف المدن الايرانية، هي حاصل تحصيل السياسات المعادية والمتناقضة مع آمال و طموحات الشعب الايراني و التي ينتهجها النظام الايراني، وان مايرد من معلومات غريبة من نوعها عن ممارسات هذا النظام تثير الکثير من التعجب، إذ انه وفي الوقت الذي يعاني فيه الشعب الايراني الامرين من جراء الازمة الاقتصادية والشلل الذي يعانيه النظام بهذا الصدد فإن النظام يواصل دعمه المفرط لوکلائه في بلدان المنطقة ولاسيما حزب الله في لبنان وعصابة الحوثي في اليمن الميليشيات المسلحة في العراق على حساب الشعب الايراني ومستقبل أجياله، وهذا ما يٶجج روح الرفض والکراهية لهذا النظام والاصرار على إسقاطه.
ماتشهده إيران من تظاهرات وإضرابات وحرکات إحتجاج بالاضافة الى الفساد المتفشي في کل مکان والقمع والاعدامات المتزايدة وتفاقم المشاکل والازمات المختلفة التي لاحل لها في ظل هذا النظام، يمکن القول بأنه أشبه مايکون بالارضية المناسبة التي تمهد لمخاض التغيير الجذري في إيران والذي لايمکن حدوثه إلا بإسقاط النظام!